سيكون على الصحفيين والمحرّرين والرسامين الكاريكاتوريين، وحدهم دون الناشرين والمؤسسات الإعلامية، تحمّل العقوبات الجزائية التي قد تصدرها المحاكم ضدهم، في قضايا جُنح الصحافة والقذف والتشهير في حق الهيئات الرسمية، وفقا للمادة 144 مكرر في مشروع قانون العقوبات الجديد، الذي أُقرّ تعديله بأمر من الرئيس بوتفليقة.
يواجه الصحفيون تحديا قانونيا جديدا، بعدما وضعتهم التعديلات التي قررها رئيس الجمهورية في قانون العقوبات، والمتعلقة برفع التجريم عن جنح الصحافة، وحدهم في مواجهة القضايا المرتبطة بالصحافة، التي يكونوا محل تحريك للدعوى العمومية ضد مقالاتهم الصحفية، أو شكاوى من قبل الهيئات التي حددتها المادة 14 مكرر من قانون العقوبات.
وتضمن مشروع التعديل الذي صادق عليه مجلس الوزراء في الثاني ماي الماضي، وأُحيل على لجنة الشؤون القانونية والإدارية والحريات بالمجلس الشعبي الوطني من قبل وزير العدل الطيب بلعيز – حصلت الخبر على نسخة منه – تضمّن في مادته الثالثة إلغاء المادة 144 مكرر 1، من قانون العقوبات الصادر في 2001، والتي كانت تفيد بتحمل المؤسسة الإعلامية التي يعمل فيها الصحفي المتابع، نفس العبء القانوني الذي يقع على عاتق الصحفي، وكذا نفس العقوبة الجزائية، ”عندما تُرتكب الجريمة المنصوص عليها في المادة 144 مكرر، بواسطة نشرية أو أسبوعية أو شهرية أو غيرها، فإن المتابعة الجزائية تُتّخذ ضد مرتكب الإساءة، وضد المسؤولين عن النشرية وعن تحريرها، وكذلك ضد النشرية نفسها ”.
ولم يُشر التعديل الجديد، الذي يوجد محل مناقشة ودراسة لدى لجنة الشؤون القانونية والإدارية والحريات في المجلس الشعبي الوطني، قطعا إلى أية مسؤولية لمسؤولي الصحف والهيئات الإعلامية، التي يعمل فيها الصحفي ونَشَر فيها المقال أو الرسم الكاريكاتوري قيد المتابعة القضائية. وهوما يعني تحييد المؤسسة الإعلامية عن المتابعة الجزائية، وترك الصحفي وحده في مواجهة قضائية مع الأطراف المعنية بقضايا القذف والتشهير في الصحافة، وهي رئيس الجمهورية والجيش والبرلمان بغرفتيه والهيئات القضائية، وهوما من شأنه فرض مزيد من الرقابة الذاتية على الصحفيين، خاصة وأن التعديل الذي تضمّن إلغاء عقوبة الحبس على الصحفيين، شدّد في الغرامات المالية، وتم رفعها ما بين 50 إلى 250 ألف دينار، إلى ما بين 150 إلى 750 ألف دينار، يدفعها وفقا للنص الحرفي للمادة 144 مكرر الجديدة ”من أساء”، دون ذكر أي طرف آخر، إضافة إلى الوضع الهش لعدد كبير من المؤسسات الإعلامية التي لا تتحمل، في الغالب، حتى مصاريف المحامين دفاعا عن الصحفيين.
وقال مصدر من لجنة الشؤون القانونية والإدارية والحريات، التي اجتمعت مع عدد من مدراء الصحف ووسائل الإعلام الوطنية إن ”مشروع تعديل قانون العقوبات الذي أخرجته السلطة تحت يافطة ”رفع التجريم عن الصحفيين” لكسب موقف متعاطف من الأسرة الإعلامية، يوجد في مرحلة صياغة التقرير النهائي، وفي حال لم تعمل المجموعة الصحفية على ممارسة الضغط لتعديل مواده، فإنه سيبقى ويصدر بصيغته التي أُحيل بها”.
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.
تعليق 2216
لا يهم إن تحمل الصحفي المسؤولية في حال القذف ضد الهيئات المعنية. لكن على الصحفي أن يناضل لأجل تحسين مستواه في الصحيفة التي يعمل بها وأن يتقاضى أجرا محترما يمكنه من تحمل المصاريف القضائية إن حدثت متابعة قانونية ضده. لكن أن يوضع الصحفي بين مطرقة القانون وسندان البؤس داخل المؤسسات الصحفية فهذا معناه أن تتوقف مهنة الصحافة.
تعليق 2214
مانراه في هاته المادة هو خبث ومكر تمارسه السلطة ضد حرية التعبير يستهدف الأقلام الحرة ويريد أن يجعل من الصحافيين كالأيتام في مأدبة اللئام.
هل من السهل على صحافي أو رسام كاريكاتير أن يدفع 500ألف دينار عقوبة لفكرة يؤمن بها فيجسدها في مقالة أو رسم وينشرها؟ إن هذا العقاب أشد من التجريم أو السجن,لأن من لايستطيع الدفع سيكون مصيره السجن أو أي عقوبة أخرى وستعاني أسرته نتيجة لذلك.
سيكون من السهل على محقق أو قاضي متواطيء أن يحكم بأن الكاريكاتير أو المقال فيه تشهير وسيزج بالصحافي في معركة قضائية مكلفة و خاسرة,فينتهي الأمر بالصحافي إلى دفع ثمن محاولته لكشف فساد أو إنتقاد سياسي فاشل إلى غير ذلك…..أليس في هذا تكميم للأفواه وحجر على الأفكار؟
من جهة أخرى سيصبح الناشر البقار في أمان لأن ربحه سيأتي من الإشهار ولايهمه إن نشرت جريدته أفكار بيضاء أو سوداء أو رمادية, فالناشر سيصبح مثل الصياد الذي يملك كلبا فينزع أنيابه ويتركه يصطاد الخنازير لكنه لا يطلق النار على الخنازير إذا تعرض الكلب المسكين إلى نهش وهجوم من الخنازير-معذرة على التشبيه-!
إن قانون مجحف كهذا يجب أن تقابله نقابة صحافة حرة تناضل لحماية الصحافيين بالقلم وبالتجمعات والإضرابات والتشهير بالمعتدين على حريتهم في المحافل الحقوقية الدولية.
إذا ترك الأمر على حاله فسندجن وسنصل إلى اليوم الذي سنفقد فيه هامش الحرية الضئيل الموجود الآن وسنصبح كلنا نسبح بحمد السلطان وإنجازاته الوهمية صباحا ومساءا,وسنضطر إلى إستعارة وتمويه الأسماء حتى لا نضطر لدفع غرامة كبيرة وتجويع أطفالنا.