زاد دي زاد - الخبر مقدس والتعليق حر

ملاحظة: يمكنك استعمال الماركداون في محتوى مقالك.

شروط إرسال مقال:

– النشر في “زاد دي زاد” مجّاني
– أن يكون المقال مِلكا لصاحبه وليس منقولا.
– أن يكون بعيدا عن الشتم والقذف وتصفية الحسابات والطائفية والتحريض.
– الأولوية في النشر للمقالات غير المنشورة سابقا في مواقع أو منصات أخرى.
– الموقع ليس ملزما بنشر كل المقالات التي تصله وليس ملزما بتقديم تبرير على ذلك.

الربيع الفنيّ

الربيع الفنيّ

عندما تفجر الربيع العربي كان الطموح السائد هو استنشاق نسائم الحرية بعد عقود من الاستبداد والتفرد في السلطة، شعر خلالها المواطن العربي أنه خادم في حضرة السلطان وليس مواطناً له حقوق المواطنة.

ما أسوأ أن يتبدد هذا الطموح بعد تحطمه على صخور بعض الحكام الجدد الذين على الملأ يجاهرون بعصر الحريات، لكنهم يعملون على كبتها من جديد بأشكال مختلفة، ومسميات جديدة. هذا حال المواطن العربي يستجير من رمضاء القديم بنار الجديد.

المحزن هو سلخ الفن من قاموس الحريات، ووضع قيود عليه تفوق ما وضعه الحكام المتساقطون على النشاط السياسي. والحديث هنا عن الفن بمعناه الحقيقي وليس أي شيء آخر، لأن الإسفاف والهبوط يجب أن يحاربهما كل ذي ذائقة سامية.

إن الأحوال في مصر لا تحمل بشير خير لمستقبل الفن في بلد يعتبر بوابة لهذا الفن ومنبعاً له. ومن يتابع تصريحات بعض المسؤولين في الحركات الإسلامية يخالجه الظن أن مشاكل مصر كانت تتمثل فقط في المسلسلات والأفلام وفي تماثيل الفراعنة، وكأن ثورة يناير جاءت فقط لتصحيح العمل الفني، فلا مشاكل سياسية ولا اقتصادية ولا اجتماعية سادت مصر على مدى عقود. ربما حانت الفرصة الآن لهؤلاء أن يقتصوا من كتاب ألف ليلة وليلة المتهم بالفجور.

هذا يذكر بخطاب الاستقلال الليبي بعد تحرير البلاد حين خطب رئيس المجلس الانتقالي مصطفى عبدالجليل بالمبتهجين قائلاً لهم منذ الآن يمكن للرجل منكم أن يتزوج من أكثر من واحدة. كلي إيمان أن معاناة الليبيين لم تكن تتمثل في مسالة الزواج من واحدة أو أكثر حتى يقَدّم عبدالجليل هذه المسألة على غيرها من المسائل.

وفي الكويت دهم لمعرض الفنانة شروق أمين بعد اعتباره مخلاً بالآداب، وأجزم أن الفن ضربٌ من الآداب وليس إخلالاً به، فمن الذي يقرر حدود الآداب في أي فن!. وفي تونس اعتداء على بعض المحطات التلفزيونية، وعلى الجرار هذا الحبل الممتد على طول وعرض الوطن العربي، فربما غداً حظر على سيمفونيات باخ، وسوناتات بيتهوفن، وتكسير لكسارة البندق، وتنكيل بالنهر الخالد. إني أخشى أن نقول وداعاً أيتها الفنون، أو في أحسن الأحوال نامي لبضع سنين.

اليوم تخطى المواطن العربي عقدة الخوف من الحاكم، وإذا كان الشباب استطاعوا التخلص من نير الطواغيت، فإن أهل الفن ليسوا على غير هذا النسق. فالفن يواجه خطر وضعه في السجون أو تقزيمه وتقييده قدر المستطاع، وإن كان الفنانون يغارون حقاً على فنهم، وحريصين عليه فعليهم أن يعدوا ما استطاعوا من قوة كي يفجروا ربيعاً فنياً خصوصاً أن الفن بحد ذاته ربيع حيّ. ولنتذكر جميعاً أن أمة بلا فن أمة ميتة.


mrnews72@hotmail.com

ads-300-250

المقالات المنشورة في هذا الركن لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

كن أوّل من يتفاعل

تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.

فضلا.. الرجاء احترام الآداب العامة في الحوار وعدم الخروج عن موضوع النقاش.. شكرا.