شكلت الهجمات السيبرانية الكبيرة والخطيرة، التي تعرض لها الموقع الإلكتروني لوكالة الأنباء الجزائرية بنسخه متعددة اللغات، الأحد الماضي، بغرض اختراقه، واحدة من أخطر الهجمات التي تعرضت لها المواقع الإلكترونية لمؤسسات الدولة الجزائرية، ضمن ما بات يعرف في حروب الجيل الرابع بـ”الحرب السيبرانية” المفتوحة التي تواجهها بلادنا اليوم..
خاصة من جهات دولية باتت معلومة لدى الجميع، وتنطلق تلك الهجمات السيبرانية التي تستهدف الأمن القومي الوطني دائما تقريبا وبشكل مكثف من دولة الكيان الصهيوني، والمغرب وبعض الدول الأوروبية وعلى رأسها فرنسا.
جاءت الهجمات السيبرانية المنسقة ضد موقع الوكالة الجزائرية الرسمية للأنباء، مباشرة وبعد فترة وجيزة من الموقف الصارم الذي عبرت عنه الوكالة باعتبارها الناطق الرسمي باسم أعلى السلطات الجزائرية، من عملية تهريب المدعوة بوراوي.. والذي اتهمت فيه صراحة ودون لف ولا دوران، ولأول مرة في تاريخ الجزائر المستقلة، المخابرات الخارجية الفرنسية…
ووفق ما أعلنه بيان لوكالة الأنباء الجزائرية بخصوص هذه الحادثة التي تسببت في حجب موقع الوكالة الرسمية لساعات طويلة، فإن التدابير والأنظمة التقنية للوكالة قد سمحت بصد هذه الهجمات الحادة، وحالت دون تمكن الجهات التي حاولت القيام بعمليات الاختراق السيبراني تلك، من بلوغ قاعدة البيانات للموقع الإلكتروني للوكالة.
وليست هذه المرة الأولى التي يتعرض فيها موقع الوكالة الرسمية للأنباء الجزائرية لمثل هذه الهجمات السيبرانية، حسب بيان الوكالة نفسها، والتي أكدت فيه أن موقع الوكالة “يتعرض منذ فترة طويلة إلى هجمات سيبرانية متفاوتة الحدة مسيّرة من معظم المصادر الجغرافية المذكورة”..
كما أنه ليس موقع الوكالة هو الموقع الرسمي الوحيد الذي يتعرض لمثل هذه الهجمات المنسقة وتقريبا من الجهات المعادية نفسها، بالنظر إلى ما باتت تشكله الجزائر من تهديد واضح على مصالح تلك الدول المتآمرة، خاصة فيما يتعلق بالمواقف الثابتة للدولة الجزائرية من القضايا الوطنية والإقليمية والدولية.
وقد جاءت الهجمات السيبرانية المنسقة ضد موقع الوكالة الجزائرية الرسمية للأنباء، مباشرة وبعد فترة وجيزة من الموقف الصارم الذي عبرت عنه الوكالة باعتبارها الناطق الرسمي باسم أعلى السلطات الجزائرية، من عملية تهريب المدعوة بوراوي..
والذي اتهمت فيه صراحة ودون لف ولا دوران، ولأول مرة في تاريخ الجزائر المستقلة، المخابرات الخارجية الفرنسية بالتورط في تهريب المعنية، وعملها من خلال عملائها الداخليين “الخبارجية” وعملائها الخارجيين “ليبربوز” من أجل إعادة النسخة الثانية من غزوة “خليج الخنازير” بالجزائر.
مخاطر الحرب السيبرانية على الأمن القومي
@ طالع أيضا: هكذا يستهدف المغرب والصهاينة الجزائر بحروب الجيل الرابع..!
وتكمن خطورة اختراق موقع وكالة الأنباء الجزائرية، باعتبارها المنصة الإعلامية الرسمية، في محاولة اختراق قاعدة البيانات، لما تحمله من أسرار ومعطيات يمكن استعمالها كأسلحة خطيرة ضد الأمن القومي الجزائري، علاوة على إمكانية التلاعب بالأخبار التي سيعمد المخترقون لنشرها بعد ذلك، ما قد يؤدي إلى أزمات دبلوماسية خطيرة للغاية..
تذكر بعملية اختراق موقع وكالة الأنباء القطرية “قنا” في شهر ماي من العام 2017، أين قام المخترقون بنشر تصريحات كاذبة على لسان أمير قطر، مما أدى فيما بعد إلى اندلاع ما عرف وقتها بأزمة الخليج وحصار عدة دول عربية بينها السعودية ومصر والإمارات والبحرين لقطر، ولو لا التدخل العسكري التركي لتم عملية غزو قطر وإزالتها من الخريطة.
وتذكر هذه المحاولة لاختراق موقع وكالة الأنباء الجزائرية، بعملية اختراق حساب وزارة العدل الجزائرية بتويتر من طرف قراصنة مغاربة، أين قام القراصنة ببث عبارات مؤيدة للحرب الروسية على أوكرانيا، الأمر الذي أدى إلى انزعاج من طرف السفارة الأوكرانية بالجزائر، وكادت أن تؤدي إلى أزمة دبلوماسية بين الجزائر وكييف. كما تذكر بعمليات أخرى مثل تعطيل موقع الوكالة الوطنية لتثمين موارد المحروقات في ديسمبر 2020.
مبعث الخطورة الأكيد من هذا النوع من الحروب الحديثة، هو ليس السيطرة على الأرض أو على المجال الجوي أو البحري، وإنما السيطرة على المعلومة، وخاصة منها المعلومة الحساسة، واستخدامها كسلاح مضاد ضد الدول والمؤسسات المخترقة…
إلا أن خطورة الحرب السيبرانية التي قد يستخف بها البعض، هي أبعد من ذلك بكثير، فهي قادرة على أن تلحق بالدول والمؤسسات المستهدفة أضرارا جسيمة لا تقل عن أضرار الحرب العسكرية أو ربما أشد، باعتبارها إحدى أدوات الصراع الحديث المستخدمة اليوم بين الدول، والتي لا تتحكم فيها قواعد معينة ولا تحدها حدود جغرافية.
كما أنها تعرف تصعيدا مطردا مع مرور الوقت وتطور الأدوات التكنولوجية، وخاصة تطور البرمجيات وأدوات الاختراق الإلكترونية.
كما أن مبعث الخطورة الأكيد من هذا النوع من الحروب الحديثة، هو ليس السيطرة على الأرض أو على المجال الجوي أو البحري، وإنما السيطرة على المعلومة، وخاصة منها المعلومة الحساسة، واستخدامها كسلاح مضاد ضد الدول والمؤسسات المخترقة.
كما تكمن خطورته في التأثير النفسي الهائل أيضا على نفسية الطرف الآخر، بسبب حساسية المعلومات المتاحة كالرسائل السرية والمعلومات الأمنية والتي يمكن لأي طرف أن يستولي عليها واستخدامها كسلاح فتاك.
ويمكن أن نضرب مثالا عن فداحة هذه الحرب الخاصة، التي تجري مثلا اليوم بين دولة الكيان وإيران والتي اندلعت بقوة منذ العام 2010، وأدت إلى تعطيل المئات من المؤسسات الإسرائيلية، وإلى استخدام الإسرائيليين في المقابل لبعض الفيروسات الفتاكة مثل فيروس “ستاكس نت” الذي أدى إلى تعطيل بعض أجهزة التخصيب النووي الإيراني، وإلى مقتل عدد كبير من علماء الذرة الإيرانيين.
ولذلك فإن ضياع المعلومات من قاعدة البيانات لأي مؤسسة أو منشأة أو هيئة سواء كانت اقتصادية أو سياسية أو إعلامية، علاوة على كونها مؤسسة أمنية أو عسكرية، هو بمثابة تدمير لها ولقاعدة بياناتها المتراكم منذ أعوام طويلة، ما يجعل من الحرب الإلكترونية أخطر من الحرب العسكرية أو الاقتصادية بمراحل.
ثلاثي الشر
وتنطلق الهجمات السيبرانية المعادية للجزائر من مناطق جغرافية محددة دائما، من دولة الكيان الصهيوني ومن المغرب وبعض الدول الأوروبية في طليعتها فرنسا، إلا أن ذلك لا يعني أن هذه الدول محصنة من الهجمات السيبرانية القادمة من مناطق أخرى من العالم، بما في ذلك دولة الكيان التي تستخدم برامج متقدمة لمواجهة الاختراق السيبراني.
يشكل المغرب ودولة الكيان أسوأ أنواع التحالفات خاصة في المجال السيبراني، حيث سبق للرباط أن وقعت مع تل أبيب على اتفاقية تعاون في مجال الحرب الإلكترونية، وأن الاتفاقية تقضي بإقامة تعاون في “البحث والتطوير ومجالات عملياتية في السايبر”، والمستهدف الأول بطبيعة الحال هي الجزائر بالدرجة الأولى.
ومنذ التطبيع بين دولة الكيان والمخزن، ازدادت الهجمات الإلكترونية بشكل واضح ضد المؤسسات والهيئات الجزائرية، بعد أن تحولت الأرض المغربية إلى منصة لمختلف أنظمة التجسس والاختراق الصهيوني.
وأكدت فضيحة “بيغاسوس” التي استخدم فيها المخزن وأجهزته الاستخبارية نظام برمجيات NSO الإسرائيلية للتجسس “بيغاسوس” (Pegasus) الصهيوني، للتجسس على سياسيين وإعلاميين جزائريين، وغيرهم من السياسيين والناشطين والإعلاميين داخل المغرب أيضا وفي أوروبا.
وهو ما كشفت عنه التسريبات التي نشرتها 17 مؤسسة إعلامية دولية بتعاون مع مؤسسة “Forbidden Stories”، وأكدت أن الجهة الأكثر استهدافا بهذا البرنامج الخبيث كانت الجزائر وأجهزتها الرسمية.
وبذلك يشكل المغرب ودولة الكيان أسوأ أنواع التحالفات خاصة في المجال السيبراني، حيث سبق للرباط أن وقعت مع تل أبيب على اتفاقية تعاون في مجال الحرب الإلكترونية، وأن الاتفاقية تقضي بإقامة تعاون في “البحث والتطوير ومجالات عملياتية في السايبر”، والمستهدف الأول بطبيعة الحال هي الجزائر بالدرجة الأولى.
ويضاف إلى هذا الثنائي القذر، طرف ثالث لا يمكن أن تأمن الجزائر شره، وهو الطرف الفرنسي، الذي أثبت مؤخرا من خلال عملية تهريب بوراوي، التي أعقبها مباشرة الهجوم السيبراني على وكالة الأنباء الجزائرية، أنه بأجهزته الاستخبارية يشكل الضلع الثالث من معادلة الشر التي تستهدف الجزائر، حتى وإن حاول إخفاء ذلك حماية لمصالحه الاقتصادية والثقافية عندنا.
وعي رسمي
وأمام هذه التهديدات المتزايدة في مجال الحرب السيبرانية التي تستهدف الجزائر بضرواة ووحشية، أكدت الدولة الجزائرية عبر عديد المناسبات إدراكها لحجم التحديات التي يفرضها مثل هذا النوع من الحروب الحديثة، وقد أعدت لها عدتها باعتبارها جزءا أساسيا من استراتيجية الدفاع الوطني الشامل.
وكان الرئيس عبد المجيد تبون قد أكد في أكتوبر من العام 2021، بمناسبة اليوم الوطني للصحافة، أن الجزائر تواجه “حربا سيبرانية مسعورة” للتشويش على البناء الوطني، موجها تحيته للإعلاميين وكل من يقوم بالتصدي “للحرب السيبرانية المسعورة، التي ينفذها بالأصالة أو بالوكالة محترفو الأكاذيب حقدا على الجزائر”.
قبل ذلك فصل وزير الاتصال السابق عمار بلحيمر في شهر فيفري 2021 في أسرار هذه الحرب السيبرانية التي تستهدف الجزائر اليوم، متهما بالاسم كلا من المغرب و”إسرائيل” بقيادة هذه الحرب.
وقبل ذلك فصل وزير الاتصال السابق عمار بلحيمر في شهر فيفري 2021 في أسرار هذه الحرب السيبرانية التي تستهدف الجزائر اليوم، متهما بالاسم كلا من المغرب و”إسرائيل” بقيادة هذه الحرب.
حيث تقوم دولة الكيان بتطوير البرمجيات الهجومية وتطبيقاتها المدنية في الفضاء السيبراني وتقديمها للمغرب لشن الهجمات على الجزائر، منوها أن الدولة الجزائرية تقوم بكل ما يلزم لتأمين الشبكة الرقمية حماية لسيادة البلد في مجال الرقمنة.
وهو نفس المحتوى والخطاب الرسمي الجزائري الذي ذكر به في نهاية الشهر الماضي وزير الاتصال الحالي محمد بوسليماني، عندما أكد أن الجزائر تتعرض لحرب سيبرانية شرسة.
ورغم أن المغرب ودولة الكيان لم يصدرا أي ردة فعل حيال الاتهامات الجزائرية الصريحة لهما بالوقوف وراء الهجمات السيبرانية الخطيرة على موقع وكالة الأنباء الجزائرية، إلا أن مصادر إعلامية مغربية سبق لها في مناسبات عديدة أن اعترفت بقيام “هاكرز” مغاربة بمحاولات قرصنة مواقع إلكترونية تابعة لقطاعات حكومية جزائرية.
ما يستدعي من مجمل القطاعات المعنية بالدفاع السيبراني ورد هذه الهجمات المعادية، المزيد من اليقظة وتأمين “الثغور الإلكترونية” في هذه الحرب الجديدة من حروب الجيل الرابع وما بعده.
@ المصدر: الإخبارية
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.