حمى الترشحات التي أصابت الكثيرين هذه الفترة لم تميز بين ذكر أو أنثى وبين جاهل أو متعلم، لأن الفيروس المسبب لها هو الطمع والذي يعد مقوما أقوى من كل المقومات المثالية التي تتراجع أمام تحصيل مكسب أو بلوغ منصب، فالثراء والنفوذ أصبحا من أهم المطالب اليوم ولو على حساب المبادئ والقيم والخروج عن شرعة الإيمان.
وفي خضم هذا التسابق، بل الأدق تعبيرا هو التكالب على خوض غمار المحليات، ظهرت بعض الحالات الاستثنائية لبعض الأفراد الذين ملوا من سياسة العبث وتكريس الرداءة، وظنوا أنهم سيستطيعون محاصرة أصحاب المصالح الضيقة والبدء في مشاريع إصلاحية لخدمة الصالح العام.
فقد اتصل بي أحد أقاربي وهو شخص محترم وغيور على الوطن فضلا عن تحصيله لشهادات عليا، المهم أنه حاول إقناعي بالتقدم معه في القائمة الانتخابية والعمل على الفوز من أجل التنمية ولو لتغيير واقع البلدية الذي نقطن بها، وخصوصا أن حالها لم يتغير منذ زمن إن لم نقل تدهور.
فكانت إجابتي قطعا هي الرفض، وعجبت كيف أن هذا الرجل الطيب والمحنك توهم ولو للحظة أنه سينجح، فالناس عندنا قد استقالوا من الحياة السياسية وقاطعوا الانتخاب منذ سنوات، والقلة التي تنتخب هي من حزبي الموالاة جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي وهذا حفاظا على الامتيازات مثل منح أبناء الشهداء وأراملهم وغيرهم من المنتفعين.
وفرضا لو اجتهدنا وأقنعنا المواطنين بالتصويت لصالحنا وحدث وتصدرنا القائمة، فإن تحالف الحزبين المذكورين سيظهر في الواجهة وإن لم يرق للإطاحة بالفائز فإن التزوير من المسلمات التي لا يمكن تجاهلها خاصة أن سياسي اليوم صاروا يشكلون عصابات مستعدة لأسوء التوقعات، كما أننا وصلنا لمرحلة متقدمة جدا من التعفن السياسي، فحتى لو ترشح اليوم صلاح الدين الأيوبي رحمة الله عليه ما فاز أمام حزبين أحدهما استولى على الشرعية الثورية بشهادة فخرية، والآخر ولد وبيده صولجان السلطة.
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.