تقاطعت تحليلات المراقبين السياسيين والعسكريين في دولة الاحتلال الصهيوني، أن رئيس حكومة الاحتلال يحاول أن يصوّر ويسوّق لنصر في غزة غير موجود على أرض الواقع، وأن حماس استطاعت أن تخدعهم مجددا وتكبّدهم خسائر فادحة بعد توغّل القوات الصهيونية داخل غزة، في حين ذهبت تحاليل مراكز دراسات إلى أن خسائر الكيان للحرب سيكون سيناريو مرعب للصهاينة.
قال المحلل السياسي والعسكري في صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، ناحوم برنياع، إنه “لا يوجد انتصار في الأفق، وأقوال بنيامين نتنياهو (رئيس الحكومة الإسرائيلية) عن حرب لفترة طويلة، هي بديل تسويقي لانتصار غير موجود”.
وأضاف “برنياع”، وفقا للصحيفة العبرية، “حماس خدعتنا للمرة الثانية وتركتنا يوما كاملا نتوغل على محورين، ثم فاجأتنا على ما يبدو بقوات النخبة.. جثث جنودنا في شارع النصر وعلى الطرقات، ويبدو أن قواتنا أمام خيارين: إما الانسحاب أو الموت المذل”.
من جانبها، كشفت صحيفة “هآرتس” العبرية، أن إجمالي ما تعرفه الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية حول أنفاق غزة، بعيد كل البعد عن حجم ودرجة إحكام مشروع الأنفاق.
وقالت الصحيفة في تحليل للمحلل العسكري، عاموس هارئيل، إن صورة المعارك في قطاع غزة أكثر تعقيداً من تلك التي يحاول رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو تصديرها على أنها تحقق نجاحاً هائلاً. وأضافت أن جزءاً من النجاحات التي تتحدث عنها إسرائيل، قد تكون ناجمة عن محاولات حركة حماس الاحتفاظ بقوتها للمراحل المقبلة من الحرب.
وفق المحلل العسكري، فإن المعلومات الاستخباراتية التي جمعتها إسرائيل حول أنفاق حماس في غزة، لا تعكس حجمها الحقيقي ومدى تطورها ولا تعقيداتها ولا تقترب من حجم هذا المشروع على أرض الواقع، والذي ربما يكون الأكبر من نوعه في العالم.
ونقل التحليل، عن مسؤولين استخباراتيين في الغرب وفي إسرائيل أيضا، أن قيادة الحركة والجناح العسكري، قاما ببناء قدرات تتيح البقاء في الأنفاق لعدة أشهر.
وأكّد مراقبون إسرائيليون، أن النجاحات العسكرية المزعومة بعد ضرب غزة بـ30 ألف طن ديناميت غير مرئية حتى الآن، لافتين على سبيل المثال لعدم مشاهدة صور لأنفاق مدمرة، أو استسلام، أو اغتيال عدد كبير من المقاتلين الفلسطينيين أو قيادات بارزة في المقاومة.
ونقل هرئيل عن ضباط في جيش الاحتلال، يقودون المعركة في غزة، وعن مسؤولين آخرين ممن يديرونها في هيئة الأركان، أنّ صورة الحرب أكثر تعقيداً مما يتم تصويره.
وحذّر، على غرار بعض المراقبين الإسرائيليين، من أن صورة الوضع القتالية معقّدة أكثر من تلك التي يحاول نتنياهو رسمها، والتي قال عنها الأخير إنها ظاهرة نجاح استثنائية.
ويواجه جيش الاحتلال الإسرائيلي، مقاومة شرسة من قبل المقاومة الفلسطينية، تمنع تقدمه وتكبّده خسائر كبيرة، حيث تنفّذ هجوما عنيفا ضد قوات الاحتلال المتوغّلة في القطاع، على 4 محاور في غرب غزة، ونجحت كتائب القسام، الجناح العسكري لـ”حماس”، في تدمير عدد من الدبابات الإسرائيلية في حي النصر.
هذا وكشف تقرير حديث للمركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات (مقره لندن) حول تطورات وسيناريوهات العملية العسكرية الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة، أن “سيناريو فشل هذه العملية هو الأكثر رعبا بالنسبة لإسرائيل”، مسجلا أن “فشل هذا الهجوم سيؤدي إلى رد فعل عنيف داخل الدولة العبرية وخارجها”.
ولفت التقرير المعنون بـ”العملية العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة.. الربح والخسارة”، إلى أن الجانب الصهيوني “يعتقد أنه يحتاج إلى حرب برية لاستعادة قدراته على الردع”، لافتا إلى أن “الدولة الإسرائيلية لم تستعد الردع الذي كانت تتمتع به قبل 7 أكتوبر، كما لم تتمكن حتى الآن من إلحاق ضرر جسيم بالبنية التحتية لحماس”.
وأضاف المركز أن “خطط الغزو الإسرائيلي الأولية أثارت انزعاج المسؤولين الأمريكيين الذين أعربوا عن قلقهم من افتقارها إلى أهداف عسكرية قابلة للتحقيق، إذ أن الجيش الإسرائيلي لم يكن مستعدا بعد لشن غزو بري لقطاع غزة”، موضحا أن “أي وقف لإطلاق النار دون تحقيق الهدف المعلن بالقضاء التام على حماس، يعني خسارة إسرائيلية خالصة”.
وخلص التقرير السالف الذكر، إلى أن “الحرب الراهنة بين إسرائيل وحماس غير مسبوقة وتشكّل مرحلة فارقة في الصراع، إذ من غير المتوقع أن لا تنتهي في القريب العاجل”، لافتا إلى أنه “مع التوسيع التدريجي للعملية البرية الإسرائيلية داخل قطاع غزة، فإن خطط تل أبيب باتت تتوضح أكثر فأكثر وتتّجه نحو تنفيذ توغّل بري واسع النطاق داخل القطاع”، من أجل “إسقاط نظام حماس”، وهو الهدف الذي تريد الدولة اليهودية “تحقيقه بأي ثمن، فيما تتمسك حركة حماس ببقائها داخل القطاع وتستخدم كل ما تملك من عتاد حربي لوقف التوغل الإسرائيلي”.
@ المصدر: الخبر + وكالات
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.