زاد دي زاد - الخبر مقدس والتعليق حر

ملاحظة: يمكنك استعمال الماركداون في محتوى مقالك.

شروط إرسال مقال:

– النشر في “زاد دي زاد” مجّاني
– أن يكون المقال مِلكا لصاحبه وليس منقولا.
– أن يكون بعيدا عن الشتم والقذف وتصفية الحسابات والطائفية والتحريض.
– الأولوية في النشر للمقالات غير المنشورة سابقا في مواقع أو منصات أخرى.
– الموقع ليس ملزما بنشر كل المقالات التي تصله وليس ملزما بتقديم تبرير على ذلك.

الأمن والاقتصاد.. الجزائر لا تلعب إلا مع الكبار!

الإخبارية القراءة من المصدر
الأمن والاقتصاد.. الجزائر لا تلعب إلا مع الكبار! ح.م

بعد روسيا.. الرئيس تبون في الصين

كشفت الزيارات التاريخية التي شرع فيها الرئيس عبد المجيد تبون إلى عواصم بعض الدول العظمى، مثل موسكو وبكين، والتي أدت إلى غزل أمريكي واضح اتجاه الجزائر، بعد دعوة وزير خارجية أمريكيا أنطوني بلينكن لوزير خارجية الجزائر أحمد عطاف لزيارة واشنطن، أن الجزائر قررت الخروج من دائرة اللعب مع الصغار، والتوجه رأسا إلى ملعب الكبار، لأن الجزائر بفضل إمكانياتها البشرية والاقتصادية والطاقية وموقعها الجغرافي، تستحق ذلك وعليها المراهنة عليه.

وكما أظهرته زيارة موسكو التاريخية التي أسالت الحبر كثيرا في عواصم الغرب، بسبب جرأتها من حيث توقيت الزيارة في ظل الحرب الشرسة التي تدور حاليا بين روسيا وأوكرانيا مدعومة بدول الحلف الأطلسي، فإن زيارة الرئيس تبون الإثنين، إلى بكين، التي تعد المنافس الأول للهيمنة الاقتصادية الأمريكية، قد أكدت خيارات الجزائر الاستراتيجية، في مجالات الأمن والاقتصاد، كما أكدت على حقيقة امتلاك الجزائر لقرارها السيادي، الذي لا يأخذ في الحساب سوى المصلحة الوطنية العليا، بغض النظر عن مواقف الدول الأخرى أو اعتراضاتهم أو توجساتهم.

زيارة الرئيس تبون إلى بكين، التي تعد المنافس الأول للهيمنة الاقتصادية الأمريكية، أكدت خيارات الجزائر الاستراتيجية، في مجالات الأمن والاقتصاد، كما أكدت على حقيقة امتلاك الجزائر لقرارها السيادي، الذي لا يأخذ في الحساب سوى المصلحة الوطنية العليا، بغض النظر عن مواقف الدول الأخرى أو اعتراضاتهم أو توجساتهم.

@ طالع أيضا: العلاقات الجزائرية الأمريكية.. هل اقتربت من “القطيعة”؟

كما يأخذ الفارق الزمني القصير بين زيارة الرئيس تبون لموسكو وزيارته لبكين، اعتباره في تأكيد التوجه الحاسم للجزائر نحو الشرق، باعتباره الداعم التاريخي للثورة الجزائرية وللجزائر المستقلة، في مواجهة الإمبريالية الغربية التي تقتات من نهب خيرات الشعوب، حيث تؤكد هذه السرعة في الربط بين الزيارتين على المراهنة الحقيقية للجزائر من أجل تعزيز شراكات اقتصادية وعسكرية بين الجزائر وهاتين القوتين العظميين، بهدف تثبيت الريادة الإقليمية للجزائر في القارة السمراء.

ويشكل مسعى انضمام الجزائر لمنظمة بريكس، إحدى الرهانات الرئيسة للجزائر، للخروج من ربقة الاقتصاد التقليدي ومن دائرة الاعتماد على صادرات الطاقة لتنشيط مداخيلها، حيث تعد روسيا والصين أهم ركيزتين في البريكس، كما أنهما معا عبرتا عن عدم اعتراضهما مبدئيا لدخول الجزائر لهذه المنظمة الاقتصادية العالمية الهامة.

وتتوجه الجزائر بفضل هذه الزيارة التي يقوم بها حاليا الرئيس تبون إلى الصين، للتوقيع مستقبلا لاتفاقيات استراتيجية شاملة وأكثر عمقا، مع هذا العملاق الاقتصادي العالمي المرشح ليكون القوة الاقتصادية العالمية الأولى في غضون سنوات قليلة، تعزز بها اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة الموقعة عام 2014، والاتفاقية الاستراتيجية لخمس سنوات الموقعة في نوفمبر 2022، وذلك على غرار توقيع الجزائر مع روسيا اتفاقية التعاون الاستراتيجي المعمقة، الأمر الذي سيؤهلها لتكون قطبا إقليميا ودوليا كبيرا لا غنى عنه ضمن رسم الخرائط الجيوسياسية العالمية الجديدة.

فعلاوة على الأهداف الاستراتيجية الكبرى المتعلقة بالتحالفات الكبرى، تراهن الجزائر من منطلقها الجديد للعب مع الكبار، على إحداث إقلاع اقتصادي حقيقي خارج دائرة الارتهان للصادرات الطاقوية، مرتكزة على رافعة تكنولوجية لا تتوفر إلا لدى دول عظمى كالصين وروسيا، بعد تغيير العقليات القديمة، وتوفير قوانين ومناخ ملائمين للاستثمار يكونا عاملي جذب للشركات وأرباب الأعمال الدوليين.

دول مهمة ووازنة

ولا تغفل الجزائر ضمن سياستها الجديدة اللعب مع الكبار، في استثمار علاقاتها مع دول الصف الثاني من الدول الوازنة دوليا، حيث كانت الزيارات الهامة التي قام بها الرئيس تبون إلى بعض الدول الأوروبية المتقدمة كتركيا وإيطاليا والبرتغال، إشارة واضحة على أن الجزائر الجديدة تبحث عن مصلحة البلاد أينما كانت..

تراهن الجزائر من منطلقها الجديد للعب مع الكبار، على إحداث إقلاع اقتصادي حقيقي خارج دائرة الارتهان للصادرات الطاقوية، مرتكزة على رافعة تكنولوجية لا تتوفر إلا لدى دول عظمى كالصين وروسيا، بعد تغيير العقليات القديمة..

@ شاهد | “شركة استراتيجية” بين الجزائر وروسيا

خاصة وأن هذه الدول الأوروبية لديها قدرات هائلة في الميدان الاقتصادي والعسكري، وسيكون التعاون معها مفيدا للغاية خاصة في مجال التخلي أو تقليص الهيمنة الفرنسية التي بات أمر “تقليم أظافرها” في الجزائر ضروريا للنهوض الاقتصادي، بعد أن تبين أن فرنسا بعقليتها الاستعمارية تحاول بكل ما أوتيت من قوة على عرقلة مساعي النهضة الجزائرية، باعتبارها أسرع طريق لتحرر كامل القارة الإفريقية من الهيمنة الاستعمارية الفرنسية.

وتشكل زيارة قطر الأخيرة، كمحطة سابقة لزيارة الصين، دليلا على الأهمية القصوى التي توليها البلاد للتعاون مع منطقة الخليج العربي، بالنظر إلى الاحتياطات المالية الضخمة التي تمتلكها دول الخليج، وأهميتها الاستراتيجية خاصة بالنسبة للأمن العربي..

حيث تبحث دول الخليج عامة ودولة قطر بشكل خاص، والتي تعد أول مستثمر عربي في الجزائر، كما تعد إلى جانب الجزائر من أكبر منتجي ومصدري الغاز الطبيعي في العالم، على شريك عربي قوي وموثوق يكون قادرا ليس فقط على فتح أسواقه للاستثمارات القطرية المنسحبة تدريجيا من أوربا خاصة من بريطانيا وفرنسا، بعد أزمة كأس العالم ومواقف تلك الدول العنصرية، وإنما لحليف عربي قادر على الوقوف في وجه التهديدات الجيوسياسية لبعض الأطراف على دول الخليج عموما، وعلى دولة قطر بشكل خاص.

ومن المرتقب، أن تستكمل زيارة الرئيس تبون إلى طهران مستقبلا، بعد الدعوة الرسمية التي تلقاها مؤخرا من الرئيس الإيراني رئيسي لزيارة إيران، منظومة العلاقات المتشابكة مع الأطراف الدولية المؤثرة سياسيا والوازنة اقتصاديا.

الغزل الأمريكي

واللافت، أن هذا التحرك الجزائري الواسع والحاسم ناحية التقرب أكثر من الحلف الروسي الصيني، قد أثار على ما يبدو “غيرة” واشنطن إذا صح التعبير، دون الحديث عن تخوفاتها من “انزياح” محتمل للقوة الجزائرية بالكامل ناحية موسكو وبكين على حساب المصالح الأمريكية الاستراتيجية والاقتصادية معا.

ولذلك فقد سارعت واشنطن لإبراز طقوس “الغزل” مجددا، مباشرة بعد زيارة الرئيس تبون لموسكو والإعلان عن زيارة بكين، من خلال الدعوة التي أرسل بها وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن لنظيره الجزائري أحمد عطاف لزيارة واشنطن قريبا، في محاولة على ما يبدو لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من مصالح أمريكية باتت مهددة في حال لم تستوعب أمريكا بعد شروط اللعب الجديد التي فرضته الجزائر على الجميع.

اللافت، أن هذا التحرك الجزائري الواسع والحاسم ناحية التقرب أكثر من الحلف الروسي الصيني، قد أثار على ما يبدو “غيرة” واشنطن إذا صح التعبير، دون الحديث عن تخوفاتها من “انزياح” محتمل للقوة الجزائرية بالكامل ناحية موسكو وبكين على حساب المصالح الأمريكية الاستراتيجية والاقتصادية معا..

@ طالع أيضا: ما هي خلفيات اتصال “بلينكن” بـ “عطاف”؟!

وبطبيعة الحال، فإن الجزائر التي تدرك أين تكمن مصالحها من خلال تقوية علاقاتها بالروس والصينيين، لا تغفل أهمية الدور الأمريكي، وهي حريصة وفق معادلة استخدام جميع الأوراق التي بحوزتها، على بناء علاقات متوازنة بين القوى الكبرى، ضمن استراتيجية عدم الانحياز التي تتبناها الجزائر منذ الاستقلال..

مع العمل بذكاء على تفويت الفرصة على الجماعات واللوبيات المناوئة لبلادنا في أمريكا، خاصة منها تلك المرتبطة باللوبي الصهيوني أو المخزني أو غيرهما، من أجل تأليب الإدارة الأمريكية ضد الجزائر، كما حصل في الشهور الماضية مع بعض النواب الذين طالبوا بمعاقبة الجزائر بتهمة تمويلها الحرب الروسية ضد أوكرانيا عبر صفقات الأسلحة الجزائرية من موسكو، اعتمادا على تفعيل ما يُعرف بـ”قانون مكافحة خصوم أمريكا”.

لكن الإدارة الأمريكية التي تدرك الأهمية الاستراتيجية لدولة محورية كالجزائر، لن تغامر باستعدائها أو بفقدان مصالحها الكبيرة في هذا البلد القارة، لذلك جاءت دعوة بلينكن لعطاف في هذا الوقت تحديدا، لإعادة تفعيل دورات الحوار الاستراتيجي الأمريكي الجزائري في نسخته السادسة، وإعادة بعث منتدى الأعمال بين البلدين، وتنشيط التعاون الأمن وجهود مكافحة الإرهاب والتعاون الاقتصادي.

كما جاءت دعوة بلنيكن، في أعقاب الرسالة التي وجهها الرئيس بايدن للرئيس تبون، بمناسبة الذكرى الـ61 للاستقلال، شدد فيها على أهمية “الشراكة المستدامة بين الجزائر والولايات المتحدة”، وعلى ضرورة العمل معا لـ”مواجهة التحديات الأمنية الإقليمية الرئيسية، بما في ذلك مكافحة التطرف والإرهاب”، إضافة إلى تعميق الروابط “التجارية والاقتصادية”.

وتدرك واشنطن هنا، أن الجزائر التي زار رئيسها موسكو في الظروف الدولية الحساسة، لا تنتظر ضوء أخضر أمريكيا ولا من أية جهة دولية مهما كانت قوتها، كما أن التصريحات القوية للرئيس تبون في روسيا، حول قضايا كبرى مثل السيادة الوطنية وحرية الشعب الجزائري والتعددية القطبية و”بريكس” وضرورة التخلص من هيمنة اليورو والدولار والوساطة الجزائرية بين روسيا وأوكرانيا، تجعلها بمنأى عن أية ضغوط مؤثرة، إلا ضمن تفاهمات مشتركة تأخذ بعين الاعتبار مصلحة البلاد كقوة إقليمية حقيقية لا يمكن تجاوزها.

@ المصدر: الإخبارية

ads-300-250

كن أوّل من يتفاعل

تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.

فضلا.. الرجاء احترام الآداب العامة في الحوار وعدم الخروج عن موضوع النقاش.. شكرا.