المعروف ان من المبادئ والمفاهيم الأساسية التي قامت عليها حركة عدم الانحياز احترام حقوق لإنسان الأساسية ، واحترام سيادة جميع الدول وسلامة أراضيها ، والمساواة بين جميع الدول كبيرها وصغيرها وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة أو التعرض لها وممارسة الضغوط عليها ... إلى غيرها من المبادئ والمعروفة بمبادئ باندونج .
وبما إننا مقبلين على انعقاد القمة السادس عشرة لحركة عدم الانحياز المقرر إقامتها في طهران ، أحببت التطرق ولو بشيء من الإيجاز لبعض الخروقات التي قامت بها إيران في المنطقة والتي تعد خرقا واضحا وصريحا للمبادئ التي قامت عليها حركة عدم الانحياز .
ستطل علينا هذه القمة وإيران لازالت تنتهج أبشع أساليب التدخل في شؤون بعض بلدان المنطقة والتعرض لها والضغط عليها وهتك سيادتها ، العراق كان هو احد تلك البلدان الذي لم سلم من التوغل الإيراني ومخاطره الذي احتل العراق سياسيا واقتصاديا لتكون بهذا اللاعب رقم واحد في صناعة قرارات تلك الدولة التي تتماشى مع سياستها وإشباع جماح شهواتها الاستعمارية القديمة الحديثة ، فخذ مثلا ما يتعرض له هذا البلد من كوارث إزاء التدخلات الإيرانية على مستوى التحكم في تحويل مجرى الأنهار المشتركة بينه وبين إيران فانك ستجد إن الجارة السيئة إيران عمدت بتحويل مجاري الأنهار بتغير مسارات عدد منها خاصة في المنطقتين الوسطى والجنوبية من العراق فحولت 18 نهراً أساسياً تصريفها المائي يبلغ 7 مليارات م3 تنبع من غرب إيران لتصب في الأراضي العراقية وباشرت أيضا بتحويل بعض الروافد الأخرى في المنطقة الشمالية من القطر، كنهر الوند ونهر الكارون ونهر كنجان جم ونهر وادي كنيكر ونهر قره تو ونهر دويريج ونهر كرخة ونهر الطيب ونهر هركينه .. الخ فضلا عن تحويل مجرى نهر الكارون ليصب في ممر محمل بالملوحة التي تستقر في شط العرب لتقتل بهذا الثروات السمكية والزراعية ! .
أما على مستوى سرقة النفط العراقي فحدث ولا حرج فهناك الكثير من التجاوزات الإيرانية على الحقول الحدودية العراقية بدءا من خانقين وصولا إلى مناطق جنوب البلاد، فضلا عن كميات النفط التي استولت عليها إيران عبر الحفر الأفقي لأبار من حقول نفط عراقية على الحدود ، فسيطرتها على آبار نفط عراقية في مجنون وفكة القريبة من الحدود مثالا واضحا لتلك السرقات التي تمت بوضح النهار مع صمت لرموز الحكومة العراقية التي يربطها مع إيران بعض المصالح الحزبية والطائفية الضيقة . أما سياسة زعزعت الأمن وترويع المواطن العراقي فان للتدخل الإيراني شانا كبير بهذا الخصوص بعد أن نستحضر الأسلحة الإيرانية والعبوات الناسفة والصواريخ التي ملئت الشوارع العراقية فضلا عن دورات التجنيد للمليشيات في القواعد الإيرانية التي يشرف عليها فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني .
أما سياسة تهريب العملات وإدخال العملات المزورة من والى العراق فإنها أخذت مأخذها وبشكل واسع لتؤثر سلبا بالسوق الداخلية العراقية ورفع قيمة الدولار أمام الدينار العراقي ، ما دام في تلك السياسة توفير العملة الصعبة لإيران بعد أن فُرضت عليها العقوبات الدولية .
فما ذكرته هو حلقة من سلسلة حلقات التدخل الإيراني في الشأن العراقي الذي يثبت مدى انتهاكهم لحقوق الإنسان وخرق السيادة العراقية والتحكم بالشؤون الداخلية لهذا البلد والذي هو بحد ذاته خلاف لما جاء في مفاهيم حركة عدم الانحياز .
أما تدخلات تلك الدولة في شؤون سوريا أو لبنان فهي واضحة وجلية من خلال مليشياتها المنطوية تحت مظلتها ورعايتها الخامنائية ، فحزب الله ما هو إلا ذراع إيراني امتد إلى لبنان ليثبّت سياستها في تلك الدولة ويجعل لها موطئ قدم تتحرك من خلاله في المنطقة لتنفيذ أجنداتها وتحقيق مصالحها .
وليس بعيدا ما يحصل اليوم للشعب السوري الرافض لحكم بشار المجرم من ضغوطات إيرانية بعد تدخلاتها الواضحة والصريحة بزجها لعصابة الإجرام المتمثلة بالحرس الثوري الإيراني إنقاذا لحليفها بشار وإخمادا لتلك الانتفاضة بإراقة دماء شعبها الرافضين لحكومة بشار.
أكيدا أن تلك الجرائم والخروقات التي تطبعت عليها إيران المستضيفة لقمة عدم الانحياز تثبت إنها دولة تمثل قمة بالاستهتار بمبادئ تلك الحركة وتستدعي من جميع أعضائها التوقف عندها باتخاذهم القرارات المناسبة والبعيدة عن الانحياز تخليصا لشعوب تلك المنطقة من الهيمنة الإيرانية واستهتارها بوضع حدا لسياستها العدائية الخطرة التي لم تسلم منها حتى جارتها القريبة منها العراق .
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.