تشن إسرائيل كل 3 إلى 5 سنوات حربا على إحدى الدول العربية، وبالتحديد على فلسطين، وذلك حتى لا تقوى هذه الدول، ولاتستعيد أي منها زمام المبادرة العسكرية ولا الاقتصادية، وتجعلها تعيش تحت هاجس الخوف والقلق الاسرائيلي وبالأخص دول الطوق (سوريا ،لبنان ،الأردن ،مصر). ولأن عقيدة الصهاينة مبنية على الغدر، يشنون ضربات فجائية أينما توهموا أن هناك خطرا يداهمهم! و يتسابقون على قتل أو تهجير أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين للتفاخر أمام مستوطنيهم! كما أنهم يقومون بحروب خاطفة أيضا تحت مظلة دعائية ضخمة يصورون فيها أنفسهم ضحايا الإرهاب العربي والفلسطيني بالأخص، لتبرير عدوانهم ولابتزاز المزيد من المساعدات المادية خاصة ، وجلب بكائية التعاطف الدولي ...
لقد شن الكيان الصهيوني حتى اليوم 12 حربا منذ تأسيسه سنة 1948، أغلبها على لبنان وفلسطين أو مجتمعتين. اعتدى على لبنان مرتين ، الأولى دامت من 1982 إلى 2000 بشكل متقطع، شملت مدن الجنوب بما فيها العاصمة بيروت، وكان الفاعل الأكبر فيها هو “حزب الله”، الذي ظهر كقوة بديلة لـ”حركة أمل” و”الحزب الشيوعي” اللذين أنهكهما القتال.
وقد انتهت هذه الحرب بفرار إسرائيل في جنح الليل تاركته وراءها جيش العميل أنطوان لحد، الذي استسلم جزء منه للمقاومة والآخر التحق بشمال إسرائيل.
من جهتهم لم يخف الفلسطينيون على لسان أحد كبار قادة “حماس” مدى استعدادهم التام للتصدي لأي عدوان محتمل، بل وضعوا له اسما مسبقا ألا وهو “يوم الآخرة”
لم تمض 6 سنوات، حتى عاودت إسرائيل عدوانها الثاني سنة 2006 على لبنان فيما يعرف بـ”حرب تموز”، على أمل تدمير الجناح العسكري لـ”حزب الله” لكن دون جدوى.. وقد استخلص الصهاينة أنهم لم يحققوا أهدافهم على لبنان، ولابد عليهم من رفع معنويات الجيش، الذي لا يقهر، ببحث انتصار ما يحفظ ماء وجه أعتى قوة في المنطقة رغم عدم انقطاعها عن الاعتداءات المتكررة التي تشنها من حين لآخر على سوريا و على “مصنع الشفاء” بالخرطوم، واغتيال قادة المقاومة في الداخل والخارج وتورطها في الكثير من العمليات القذرة، حيث أقبلت هذه المرة على شن اعتداء صارخ على غزة سمته “الرصاص المصبوب” نهاية 2008 بداية 2009 باعتبارها الحلقة الأضعف، خلف 1500 شهيد.
وفي نهاية سنة 2012 عاودت إسرائيل مرة ثانية عدوانها على غزة سمته هذه المرة “عمود السحاب” في حين سمته المقاومة “حجارة سجيل” استشهد فيه 162 فلسطيني وإصابة 1200 شخص. لم تندمل جراح غزة بعد ،حتى عاودت إسرائيل مرة ثالثة اعتداءها سنة 2014 سمته”الجرف الصامد”، أما الفلسطينيين فسموه “العصف المأكول”، حيث دام القصف المتواصل51 يوما مخلف 2147 شهيدا و5400 جريحا.
كل المؤشرات الميدانية تؤكد أن إسرائيل تستعد لشن حرب أخرى لإرباك المنطقة نظرا لكثرة المناورات والتدريبات، التي تستعمل فيها أحدث الأسلحة الفتاكة والتكتيكات بما فيها حرب المدن والعصابات، كما صاحب هذه التدريبات تهديدات لكل بلدان المنطقة التي يمكن أن تشكل خطرا عليها، بل ذكر قادتهم علانية إيران بالإسم، حيث هددوها عدة مرات لمنعها “من اكتساب القنبلة النووية وقطع ذراعها في لبنان وكفها عن تمويل الإرهاب” .
كل المؤشرات الميدانية تؤكد أن إسرائيل تستعد لشن حرب أخرى لإرباك المنطقة نظرا لكثرة المناورات والتدريبات، التي تستعمل فيها أحدث الأسلحة الفتاكة والتكتيكات بما فيها حرب المدن والعصابات
وتبقى كل الاحتمالات واردة في حماقات قادة إسرائيل لشن اعتداء استباقي لإبعاد الخطر – كما تزعم- منذ عشرات السنوات …. وبالمقابل لا يستبعد أن تتعرض إسرائيل هذه المرة لضربة مباغتة من جهة ما .. تفقدها زمام الحركة كما كانت تفعل، خاصة وأن الحروب الأخيرة أظهرت الكثير من نقاط الضعف لدى الكيان الصهيوني، طبقا لما جاء في تقرير مراقب الدولة العبرية.
لقد باتت حظوظ شن إسرائيل حربا أخرى جد ضعيفة مقارنة مع عربدتها السابقة في المنطقة وحروبها الخاطفة، التي دمرت بها جيوشا عربية مجتمعة في أيام معدودة، كما حدث أعوام 1956 و1967 و197، حينما كانت تختار توقيت اندلاع الاعتداء ومدته وأهدافه وأسلحته وأضراره وحتى ردود فعله.
لقد صار الوضع مختلفا لأن الحروب الأخيرة التي شنتها لم تتمكن من توقيفها إلا بشق الأنفس، وكان ثمنها باهضا في أرواح جيشها الذي لا يقهر .. ثم إن التكتيك وأسلحة المقاومة اللبنانية والفلسطينية لم تعد تلك التقليدية البالية، بالعكس، لقد أثبتت فعاليتها في دقة التصويب.
لقد ولى زمن “النزهة” الاسرائلية في المنطقة بسبب، أيضا، التفوق التكنولوجي والصاروخي الإيراني أيضا وبسالة ما أظهره الجيش السوري من قتال. كل تلك العوامل أعادت لأذهان الصهاينة أن العدوان القادم سيكون مغايرا وسيكون باهض الثمن لا تقوى إسرائيل على تحمله.. ومن الأحسن لها أن تبحث عن السلام طوعا أو كرها .
لقد باتت حظوظ شن إسرائيل حربا أخرى جد ضعيفة مقارنة مع عربدتها السابقة في المنطقة وحروبها الخاطفة، التي دمرت بها جيوشا عربية مجتمعة في أيام معدودة
ومن الحكمة بحث تفاهمات لحل الدولتين بجدية مع الفلسطينيين خاصة بعد أن حدد زعيم حزب الله، بداية شهر فبراير 2017 ، الأهداف التي سيضربها في حالة نشوب أية حرب، ألا وهي: مفاعل ديمونة النووي ومحطات تخزين مادة الأمونة الخطير على البشر في حالة ارتفاع نسبة تلوثها في الجو، مما فتح هذه المرة نقاشا جديا واسعا لدى المحللين العسكريين الإسرائيليين حول مدى جدية وإمكانية ضرب هذه الأهداف، التي باتت الشغل الشاغل للرأي العام الاسرائيلي، الذي شعر لأول مرة بحقيقة بتوازن الرعب الذي هو على مرمى حجر من الهدفين؟
ومن جهتهم لم يخف الفلسطينيون على لسان أحد كبار قادة “حماس” مدى استعدادهم التام للتصدي لأي عدوان محتمل، بل وضعوا له اسما مسبقا ألا وهو “يوم الآخرة”، وهذه رسالة قوية موجهة لإسرائيل للكف عن تحرشاتها العدوانية واختباراتها البالونية التي تقوم بها من حين لآخر، للتأكد من مدى يقضة المقاومة وجاهزيتها.
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.
تعليق 6298
سمته هذه المرة “عمود السحاب” في حين سمته المقاومة “حجارة سجين”، التسمية الصحيحة هي (حجارة سجيل) بالشدة على الجيم، ارجو التصحيح