إن كل إنسان اختار دين الإسلام طوعا فهو مسلم بالدرجة الأولى، قبل أن يحمل لقبا أو يحصل على شهادة تجعله أستاذا أوصحفيا أو طبيبا أو حتى فريقا أو رئيسا فهو ملزم بتحصيل شهادة التوحيد وتقديرها، فالمسلم خلق بالمقام الأول لعبادة الله وحده، وعليه من المعتقد الصحيح أن يجعل كل عمله خالصا لله، ويرجع دائما لكتابه العزيز وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
فديننا كامل متكامل في السياسة والحرب في الحكم والقضاء في الاقتصاد والصحة في تنظيم العلاقات والتعاملات لم يغفل شاردة ولا وادة إلا ذكرها، وقد جاء ليتمم مكارم الأخلاق ويخرج الناس من الظلمات إلى النور، ولكنها سفاهة الإنسان التي تبحث في قوانين وضعية لإيجاد حلول موازية لمشاكل وضيعة مزرية سببها غيلان تمشي على قدمين وتتأنق بطواقم فاخرة وتتعطر بأجود العلامات المنتجة من شركات عالمية كل همها السيطرة على العالم.
وهذه هي النتيجة مذبحة غزة مستمرة بوجود مجلس أمن دولي، ومحكمة عدل دولية، وأمم متحدة، ومنظمات حقوق الإنسان والحيوان وغيرها كثير من الخرافات والترهات المستوحاة من لبنات أفكار أبناء إبليس وأتباع الدجال من المسونيين والصهاينة والمتصهيينين.
فمنذ بدء الاستيطان الصهيوني على أرض فلسطين وبشتى الطرق، مشروع الهجرة الصامتة، الغصب وهدم المنازل، تزييف المستندات، وغيرها من التجاوزات حاول الغاصبون تغيير الحقائق وطمسها في محاولة يائسة لادعاء امتلاك ما ليس لهم فيه حق من أجل دعم مشروع تهويد القدس، فعمدوا لوضع تسميات عبرية لمناطق عربية استولوا عليها عدوانا وظلما، وهدموا معالمها الأصلية الأصيلة والتي تشكل لبنات تاريخية هامة.
واليوم تمادوا في غيهم باقتراف مجازر بشعة وحرق متعمد لكل المصادر التاريخية وجعل المكان غير صالح للعيش وسط صمت بل وتواطئ مشين..
فالأمر مدبر له منذ عقود حيث تم تسفيه الشباب بنشر الرذيلة ودعم الانحلال الأخلاقي بكل السبل وعلى رأس القائمة وسائل التواصل الاجتماعي، في حين تراجع دور الدعاة وغيبت فعالية المساجد وتم حصر مهامها في الصلاة وإلقاء الخطب الجاهزة، تضعضعت أركان المنظومة التربوية واستبدل النسق القيمي المدرسي ببرامج هشة موبوءة ومن ينسى محاولة تمرير الاعتراف بوجود الكيان الصهيوني وإسقاط دولة فلسطين ومحاولة تثبيت هذا الوهم في كتاب مدرسي.
أما عن الأسرة ودورها في التنشئة فقد ضاع بين قوانين الخلع والطلاق والمساواة في الحقوق، وضرورة عمل المرأة أمام الأوضاع الاقتصادية المزرية لتبقى التربية بالوكالة عن طريق الحساب الجاري، وكله بهدف كراهية الموت وحب الدنيا لتعطيل فريضة الجهاد..
وبالمقابل تم تفعيل برنامج السيطرة في كل دول العالم من قبل اللوبي الصهيوني عن طريق أعوان تم تثبيتهم في مناصب حساسة ليتحكموا بالهيئات العليا وتمادوا في إصدار قرارات تهدم كل المقومات، التي نشأت عليها الأمة الإسلامية، واستعملوا المال للضغط على الحكومات الغربية فصرنا نرى بلدان الحرية تسكت كل صوت مناهض للاحتلال وتستميت في وأد الضمائر الحية ومحاربة القيم والنوازع البشرية.
لكن يد الله فوق أيديهم ولا يمر شيء إلا بمشيئته وتم فضحهم على الملأ وجاءت نصرة غزة من حراك طلاب جامعات غربية.
ليبرز السؤال الأصعب لماذا يتخاذل شبابنا عن نصرة غزة، أين نحن من واجبنا نحو الفلسطنيين وكل مسلم مستضعف على الأرض ضحية مجانين يقصفون ليل نهار من غير ردع؟
إن واجب النصرة مسؤولية كل مسلم، وليس خاصا بأهل منطقة دون غيرها، أو فئة معينة كالحكام والعلماء فقط، بل كل من انتسب إلى هذا الدين العظيم، فهو مطالب بنصرته، والدفاع عنه وعن مقدساته..
آن دور تفعيل الغيرة الإيمانية للذود عن مقدساتنا ورفع الظلم عن أهلنا في فلسطين ومد يد العون عنهم وكف يد الظلمة والخونة الذين يحاصرونهم من كل جانب ويدعمون المحتل ماديا ومعنويا بزعم الاتفاقيات والتنسيق الأمني..
وكفى بكل هؤلاء قول نبينا المجاهد الشهيد – صلى الله عليه وسلم -: “ما من امرئٍ يخذل امرءًا مسلمـًا عند موطن تُنتهَك فيه حُرمتُه، ويُنتَقَص فيه من عِرضه، إلا خذله الله عز وجل في موطن يحب فيه نُصرته، وما من امرئٍ ينصر امرءًا مسلمـًا في موطن ينتقص فيه من عرضه، ويُنتهك فيه من حرمته إلاَّ نصره الله في موطن يحب فيه نصرته” (رواه أحمد).
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.