ملاحظة منهجية: الشواهد كلها موثقة في الدارسة المخطوطة.
بُداءة بدء: لفتات دالة:
ــ طُرفة واقعية كنا نتندّر بها في تبسة في سنوات الثمانينيات؛ اشترى رجل كيلوغراما من سمك السردين من السوق، فلفّه له البائع في أوراق جريدة مشهورة كالمعتاد في تلك الأيام، وبينما الرجل يسير مطمئنا نحو بيته يبدو أن بلل السردين كان كثيفا فخارت قوى أوراق الجريدة عن حمله؛ فتمزقت وتناثر السردين على الأرض، رمقه الرجل المسكين بحسرة، فخاطب الأوراق قائلا:
{الكذب المكتوب فيك الكلّ قدرت تهزّوا/ تحمله، وما قدرتش تهز كيلو سردين}.
ونحن في مقامنا هذا نقول لخواريزميات موقع اندبندنت عربية والعرب اللندنية، والحيز المتاح لها في الشبكة العنكبوتية، كم تقوون على الصمود لشدّة عتو أكاذيب وافتراءات الزاوي قبل وهنكما، واندثاركما في الفضاء الافتراضي؟
ــ يقينا أننا لا نتجه بعملنا الاستقصائي التحليلي الكشّاف الفضّاح الهتّاك للأكاذيب والافتراءات والخبث والرذالة، لصاحبها ومنشئها؛ فهو يدري حقيقته، وأهدافه، وبُغية موظفيه لطرح أكوام فضلات مخازيه.
إنما نتجه به لعموم القراء ممن يرعون للحقائق قدرها، وقيم الحرية مكانها، والعلم منزلته، والدين وقاره، والوطن وحدته، وحقوقه، والإنسان كرامته وحقه.
ومن هذا العموم بعض المفتنونين خداعا وضلالا بهذا الأفاك الأثيم الذي صورته لهم قوى الاستئصال، ومشاريع تفتيت البلدان المسكينة التي لم ييأس المستعمر من إحكام القبضة عليها كُلّما رنت لاستقلالها بمسار تطورها ومنهجها الأصيل الذاتي الذي ترسمُ وفقه مستقبلها، بحرية وكرامة وعزّة تليق بالمسلم وبجهاد مرير وثمن نفيس غالي مدفوع، صورت لهم هذا المفتري المتكبّر المختال فراغا وانتفاشا مفكرا لا يشق له غبار، وطُلعة المفكرين المبدعين المبتكرين العصرانيين الجهابذة في هذا البلد.
وسوف نرى بالتحليل والدليل ما حظ هذا الختل الماسوني الروتاري في ميزان المعرفة والعلم والحقائق والقيم والمعايير المحترمة والتجارب الأممية الناجحة أو المتطلعة له.
أمّا من لم يكن كذلك فخير له أن ينصرف لمقام غير المقام، أو ليستحلى سبات الغفلة والاستبغال، والاستنكاح بالأضاليل والأكاذيب والضلال والفضلات المنتنة، حتى يستفيق وقد ركبه أراذل الأمم، وعلا ظهره، شذاذ الأفاق، وشُرّد عن مربضه، وهُتك عرضه إن بقي له، وقد لات حين مناص.
ـــ كنا قد تناولنا في مقال سابق نقدا وتحليلا وكشفا لمنكرات الكذب والبهتان والرذالة والنذالة، وانتهاك القرآن والسنة والتاريخ والقيم الوطنية وكرامة الجماعات والشعوب، والعلماء والجمهور..
لكن مزيدا من التأمل والتتبع أفضى بنا إلى أننا أمام مسار كراهية خبيثة وضيع لا يوقفه غير التصدى له بالكشف والهتك والفضح بالبيان والإيقاف الحازم، وهو مقصدنا الأساس من حيث الإنجاز.
أما مسارات تشريعية وقانونية أخرى تناسب الجرم المنسوب للثقافة والفكر زورا وبهتانا مما قد يُذهب إليها في حال تمام البيان مشدودا بقوة الدليل، قويا بقداسة الحق، مسنودا بكرامة الإنسان المنتهكة بأحقر التوصيف تحت مظلة ثقافة قذرة وضيعة.
ـ مبادرة بجواب نطاطي الحداثة المزورة والعصرنة المشوهة المركونة في الحريات الجنسية، وقداسة الشذوذ الجنسي بغلاف حقوق المثلية والمثليين التي لا يراد منها في الحقيقة إلا التمكين لمشروع ماسوني عالمي تمحى معه الفروق بين الجنسين فتغدو مسألة القيم حالة جليدية متحجرة، وأهدافا تجارية لدى الشركات العابرة للقارات، أجيبهم عن أي وجه اعتراض أو احتجاج يواجهوننا به في أسلوب ولغة هذا الاستقصاء الشديدة القاسية، أن الفكر يواجه بالفكر إن يكن فكرا، والمعرفة تواجه بالمعرفة حين تكون معرفة، أما الأكاذيب والافتراءات والنذالات وإذلال شعب في كرامته ودينه وقيمه وتاريخه بدعاوى مضللة خبيثة، عن قصد وإصرار وأداء مهام قذرة، و تنفيذا لمشروعات خبيثة ماحقة، فيجب مواجهتها بالصرامة الفكرية والمعرفية المناسبة لكل هذا، سنصف الموصوفات بصفاتها الحق دون مراوغة أو تهذيب يزيد المختال خيلاء والمتكبر كبرا والمتجرأ صفاقة.
إذن فخطاب أمين الزاوي مباءة للرذائل التي ذكرنا قلما تجمعت في كتابات كاتب جزائري قبله، سمتها السارية في أغلبها {الكراهية}، لذا فمنهج عملنا تحديد معايير الكراهية التي تُعيّر بها مكتوباته، وبيان وجه الكراهية فيها حسب تلك المعايير. مع كشف الأكاذيب والضلالات والخسّة، وتفنيدها بالحقائق والأدلة..
لو كانت مكتوبات الزاوي مجرد نزوات شخصية معزولة، لما استحقت أدنى اهتمام بها، فضلا عن اختلاف الرد عليها وكشف تهافتها؛ لأن إدراجها ضمن الكتابات الفكرية التي على شيىء زراية بالعقل البشري السوي، وإضافة رزية جديدة لرزايا أمتنا التي يكتب عنها هذا القميء في مرحاضه.
لكن السبب الأول والأخير في إهانة أنفسنا بالنظر في هذا الفساء الكريه المتواصل، والضراط العقلي، هو اندراجها ضمن مشروع سياسي لم يعد خافيا هو الكيان العنصري العرقي {تمازغة الكبرى} المرتبط عضويا قربا جغرافيا بفرنسا في نسختها الاستعمارية التاريخية: سياسة وثقافة، واقتصادا، والكيان الصهيوني سندا إقليميا ودوليا يتبادلان فيه المنافع بحكم التشابه العنصري للكيانين، وتيسير أسباب الاختراقات للصهاينة في المنطقة مما لم يتيسر لهم إلى الآن.
من الجناية على المنطق البشري السوي بله العقل العلمي والفلسفي النظر الناقد في مكتوبات الزاوي ضمن نسق فكري أو فلسفي مدرسي؛ بمقولاته، ونماذجه التحليلية، وإسقاطاته المتعينة أو الافتراضية، فهذره الطائر لا يشي بأي نظرية فلسفية، أو مذهب فكري يمكن أن يردّ إليه، عدا دعوى التنوير الذي لو سئل عن تاريخه من جهة كونه مصطلحا فكريا منذ نشأته ومراحل تطويره وأنواعه لوقف عيّا كالأحمق يحار ما يقول وما يترك.
وهذا الكلام ليس من السباب والتجني في شيء؛ لأننا لا نعثر على فكرة أو مقولة فلسفية واحدة في خرق مقالات الزاوي في {أندبيندنت عربية} الصادرة في لندن. المشبوهة إنشاء وأهدافا، أو اتجاه فلسفي تنويري، يتضح معه الانتماء الفكري والفلسفي التنويري للزاوي، أما هدّة {التنوير } التي يحاول ترويع الأغرار بها، فما هي إلاّ فشفشفة سقيمة.
ولا عجب فالكذاب لا ينتج معرفة؛ إذ المعرفة لا تخلو من حقائق مهما غالى صاحبها أو انحط.
لعل المدرسة الوحيدة التي تصح نسبته لها بجدارة هي مدرسة العرقية العنصرية المتحجرة المتخلفة الضعيفة المتعلقة باللائكية الفرنسية الآيلة للإنقراض مع لغتها ونموذجها الحضاري، الإستعماري الملطخ بجرائمه ما دون الوحشية ضد الإنسانية.
ــ يستخدم الزاوي في مكتوباته اسم {الإخوان المسلمين} مظلة مُضلّلة واقعا وتاريخا وبداهة للتدين الطبيعي لدى الشعوب العربية ومظاهره، وإدراج التيارات الإسلامية المعروفة تحت هذه المظلة المُخرّقة بأكاذيبه؛ بمثابة رشوة خسيسة للمواقع الخليجية التي يفسو فيها، لتسخين بطنه بالسحت واستباحة الأعراض بأنذل الأوصاف وأخسها، وهو في الحقيقة تعهر إعلامي يجب فضحه للرأي العام الجزائري، وبالتحديد شباب مستبله بسبب مشكلاته الحقيقية المتنوعة يخيلون له أنه أمام مفكر كبير ــ إذ لايتصور عاقل أن عربيا واحدا يلقى بالا لخرق الأخرق ــ.
مفاهيم الكراهية وخطاب الكراهية :بداهة الكراهية محل اهتمام قديم فنيا ونفسيا وفلسفيا واجتماعيا وأخلاقيا ودينيا وما نشأ من معارف في هذه المجالات، إضافة لمجالين هما: القانون والإعلام. وسنورد بعض ما وقفنا عليه في الحدود الممكنة هنا.
في مقال الدكتور فهمي جدعان {معركة الكراهية والموت والحب} يعرض محللا وناقدا جملة من مفاهيم نفسية وفلسفية في {الكراهية} منها فريق من المحللين النفسيين الذين يذهبون بها إلى معنى القسوة والتدمير وإلغاء الحق في الحياة لمن نكرهه، والغيظ من مجرد وجوده.
ويذهب {توماسيلا} إلى أنها تعود إلى استيهاماجتماعي من حيث هي محرك اجتماعي قوي في دينامية النجاح الاجتماعي والمنافسة والسلطة، في شتى المجالات الاقتصادية أو ممارسات الحركات والمؤسسات الدينية أو بتخطيطات الأحزاب السياسية أو العلاقات بين الأشخاص. إنها تطلب الظفر والإقصاء والسيادة، وتنطوي على اتهام الآخر عند تبلورها وتشخيصها وازاحته وإلغائه بالقول وبالفعل: أنا أعلم من أنت؟ أنا أقول إنك لا تساوي شيئا، أنت لا تساوي شيئا؛ الخطاب الكاره يقتل؛ إنه ليس مجرد قول وخطاب، إنه فعل مدمر.
وهذا التعريف المحدد بدقة واقعية ونفسية وفكرية يحتوى على أهم معايير يقاس بها خطاب حالتنا المرعبة التي نتكلم عنها، كما سوف نرى.
نضيف له معايير قانونية:
نقتصر منها على ما تضمنه القانون المتعلق بالوقاية من التمييز وخطاب الكراهية ومكافحتهما *: الإزدراء ــــ الإهانة ـــ العداء ـــ البغض ــــ العنف . على أساس : الجنس ــــ العرق اللون ـــ النسب ـــ الأصل القومي ـــ الإثني ـــ اللغة ـــ الانتماء الجغرافي ـــ الإعاقة.
سنعالج خطاب الكراهية في كتابات أمين الزاوي على ضوء ما تقدم بوصفها معايير يحاكم إليها.
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.