للجمعة السابعة عشر والحراك الشعبي الجزائري يخرج مسرورا مبتهجا إلى الشارع وبكل سلمية وحضارية، يطالب برحيل "الباءات الثلاث "وتسليمها السلطة لشخصيات وطنية مشهود لها، لكي تعين بدورها حكومة ذات كفاءة علمية وأخلاقية تقوم بتنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية في أقرب وقت.
لكن “بقايا النظام البوتفليقي” لم تستجب لا من قريب ولا من بعيد، لمطالب “نصف الشعب” يخرج أسبوعيا في استفتاء شعبي مرددا مقولته الشهيرة “يتناحاو ڤاع” باللهجة العاصمية وهو ما يعني باللغة العربية “فليتنّحوا جميعا” أو “يتنحوا نهائيا”.. في هذه المسيرات التي تتناقلها كبريات المحطات الفضائية عبر دول العالم.
ورغم فشل السلطة في تنظيم الانتخابات الرئاسية التي كان مقررا تنظيمها يوم 4 يوليو/جويلية القادم، فاجأ المجلس الدستوري الحراك بفتواه المثيرة للجدل بالتمديد لرئيس الدولة الحالي للبقاء في منصبه إلى غاية تسليم السلطة لرئيس منتخب! علما أن رئيس الدولة هذا هو من عين رئيس المجلس الدستوري الحالي بعد أن أخفق في تنظيم الانتخابات ثم يأتي رئيس المجلس الدستور ي ليعين رئيس الدولةالحالي بفتواه الأخيرة (هل فهمتم شيئا؟)..
فعوض أن تذهب هذه السلطة جراء فشلها في تنظيم الانتخابات وتسيير الشؤون اليومية للمواطن الذي يرفض التعامل معها حتى صار يحاصرها في كل مكان، ها هي تواصل تحديها للإرادة الشعبية وكأن شيئا لم يقع! بل تستعد في الأسابيع القادمة لإعلان تاريخ آخر لتنظيم انتخابات أخرى دون أن تبالي بالأسباب التي جعلت الطبقة السياسية تعزف عن الانخراط في العملية الانتخابية، ليس لأنها ترفض الانتخابات بل لأن الظروف السياسية المرافقة لهذه العملية ليست مواتية و غير ملائمة لإجرائها بما فيها ضمان المنافسة العادلة، وإلا ستكون الانتخابات القادمة بمثابة تعيين وليس انتخابا، كما تعودت السلطة أن تحسم الانتخابات مسبقا فهي مشهورة بالتزوير بامتياز، وفي هذه الحالة لا يؤتمن جانبها، إذا أسند إليها تنظيم الانتخابات.
السلطة مستمرة في تماطلها أملا في إفشال حيوية الحراك والالتفاف على مطالب الشعب أسوة بتجربتي مصر وتونس.. خاصة وأن الوقت يلعب لصالحها لتوفرها على نحو 80 مليار دولار كاحتياط الصرف قد يلبي حاجياتها مدة سنتين قادمتين فقط ثم بعدها الطوفان..
وعوض أن تفتح السلطة قنوات الحوار مع القوى الفاعلة للحراك هي بنفسها، تكفلت قيادة الأركان بتقريب الرؤى من جانب واحد دون أن تحدد آليات الحوار ومع من؟
وهكذا فإن السلطة مستمرة في تماطلها أملا في إفشال حيوية الحراك والالتفاف على مطالب الشعب أسوة بتجربتي مصر وتونس.. خاصة وأن الوقت يلعب لصالحها لتوفرها على نحو 80 مليار دولار كاحتياط الصرف قد يلبي حاجياتها مدة سنتين قادمتين فقط ثم بعدها الطوفان..
فهذه السلطة تدفع أفراد الحراك لارتكاب “حماقات” لكي تعلن حالة الطوارئ وتجهض التجربة الجزائرية في الانعتاق للحرية والديمقراطية،لاالتي قد يهب ريحها على المنطقة وتكون سابقة لاستنهاض الشعوب العربية للتعلم من التجربة الجزائرية الحضارية في كيفية الانتقال المسالم والسلس نحو الديمقراطية، والتي أضحت محل اهتمام الباحثين والسياسيين و مراكز البحث والدراسات، لأن نجاحها سيعيد النظر في الخارطة “الديمقراطية العربية” و ستسرع تحرر هذه الدول من الاستحمار والاستبداد..
و”بتوصية” غير مكتوبة من هذه الدول المتنطعة تنصح بقايا النظام في الجزائر بعدم الاستجابة لأي مطلب شعبي، بل تنصح بالمماطلة، والتسويف، والغموض في الخطاب، والتراجع عن الوعود والتهديد تارة والوعود البراقة تارة أخرى، وتوزيع التهم والتخوين وزرع البلبلة والفرقة.. إلى أن يتمكن الشعب كله من بيع ملابسه.. على حد قول المرحوم الأديب الساخر جلال عامر.
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.