دون مقدمات و لا"مقبلات" ومقنبلات مسبقة، يقرر الحاج روراواة ،نيابة عن الدولة وعن الشعب وبتفويض و"نقويض" لا ندري ممن ، طي "صفعة" الكابتن سمير زاهر المصري، لنصطدم بعد عام ونصف من التهريج ومن الكلام الكبير عن "كرامة وعزة" الأوطان ،التي قالوا لنا بأن التأريخ لها بدأ مع أم درمان، بأن "دكان شحاتة" تم إغلاقه وتشميعه وأن جماعتنا بالجزائر وجماعتهم بالشقيقة الكبرى،قد أكلوا بعقول الشعبـين "حلاوة" و"مهلبيـة" على رأي المثل المصري، فالأزمة أصلا لم تكن موجودة، ولعبة شد الحبل ومده ،من هنا وهناك ، لم تكن إلا "ماتش كورة" بين لاعبين اثنين، لا ثالث لهما إلا "كرة" كانت نحن ولا نحن سوانا..
الحاج روراواة، الذي همز ولمز الكابتن زاهر لجنوده الإعلاميين بفضائيات مصر بالتفتيش والتنقيب عن أصوله وجذوره “اليهودية” “؟؟” كما أذاعوا وباعوا أبان الأزمة، عاد إلى أحضان من شكك حتى في أصوله العربية،و ركب موجة “التطبـيع” العاجل، لدرء الصدع ليس بين الشعبين ولكن بينه وبين صديقه القديم ، خدمة لانتخابات وتموقعات قارية قادمة، والبساطة التي برر بها الرجلان تطبيعهما التاريخي،كان يمكن ابتلاعها وتمريرها، تحت غطاء أن علاقتنا و”عراقتنا” مع الأشقاء في أم الدنيا، أكبر من خلاف و”تخراف” وانحراف كروي، لكن الصيغة التي قدم بها الرجـلان مصالحتهما التاريخية”؟؟” والصورة التي جمعتـهما وهم يحضنان بعضهما بعض وظروف وخلفيات الصلح، تفضح بأن الحاج روراواة، والكابتن” زاهر”، لم يكتفيا بدورهما و”جورهما” الفعال بكونهما كانا هما “الأزمة” التي أحدثت شرخا كبيرا في علاقة وأخوة الشعبين، المصري والجزائري، ولكنهما قررا، في الوقت بدل الضائع و”البائع”، لعب “ماتش كورة” جديد في ذات الملعب و بقدمي ذات الشعبين، في تسويق لأطماع انتخابية من على ظهر شعارات المصالحة والمصير المشترك والتاريخ الطويل، وببساطة فإن ما فهمناه من “مصالحة” السيدين إياهما، أنهما أبلغا سكارى” الكرة” من رعاع ورعايا الشعبين ، أن الحرب المقدسة “؟؟”، التي انخرطنا فيها عن آخر رضيع وجنين منا، قد حطت أوزارها، وأن لا حرب ولا “كره” ولا كلام ولا زحف بعدما قطعا الرجلين قول كل “لهيب” وخطيب..
لو ربط “روراواة” تطبـيعه التاريخي، مع الكابتن زاهر، بزوال الغشاوة من على بصـره بعد أن غسل عظامه بالكعبة المكـرمة، لقلنا أن الرجل “تاب” وأناب، واكتشف جذور “الفتنة” التي رهنت مصير وعلاقة شعبين كانا أخويـن، بسبب حادثة “كرة” كان يمكن أن تتجاوزها حكومتي البلدين بوضعها في إطارها الرياضي،لكن ولأن الأمر لا علاقة له بالحج، ولا بالتوبة والاغتسال من “عار” الفتنة، و إنما للأمر علاقة بانتخابات الفيـفا، التي تتحكم فيها وجبة ” لا عدو دائم ولا صديق دائم” ولكن مصالح مشتركة هي القياس وهي المعيار الذي يتحكم معادلة الحضن والتحاضـن، فإنه من العار ومن “العاري” جدا، أن تلدغ الأوطان من ذات الـ”رورارة” وذات الـ”زاهر” مرتين، فقد كنا أغبياء مـرة، ومن العيب أن يعامل شعبين بمكانة شعبي الجزائر ومصر على أنهما حمقى على طول الخط من طرف شخصـين تناطحا متى شاء ليتصالحا متى شـاءا، في ترسيخ منهما بأنهما كان هما الأوطان وهما التاريخ و هما الحدود وهما الحرب والسلم معا..
ما حدث بين الحاج روراواة والكابتن زاهر من “تحاضن” تحت الطلب و تحت “اللهب”، مخادعة و اهانة كبرى لعقلي الشعبين الجزائري والمصري، كما أنه إدانة صارخة لحكومتي بلـدين، أثبتا تصالح الرجلين،إفلاسهما التام ، كونهما ، أي الحكومتين،وقعتا تحت تخدير الكرة، بعدما وقفتا متفرجتين على أزمة تافهـة، تحولت بقدرة “شخصين” إلى أزمة دولية ، أضحكت علينا العالم، لأن سـي الحاج روراواة وصديقه الحميم الكابتن زاهر، استطاعا أن يصنعا من “العدم” حربا، بضاعتها العزة والكرامة التي تم تعليبها في لعبة “كـرة” ورطت الجميع بالتساوي في مخزون غـباء ، اظهرنا عرايا وحفاة إلا من إرادة شخصـين ،أظهرت مطارحتهما لبعضهما البعض بقـطر، بأنهما كانا هما “الفتنة” ولا “فتنة” سواهما..
بدلا من أن نطوي الصـفحة، ونركب موجة “عفا الله عـما تلف” خدمة لما يسمى علاقة الشعبين العريقة، فإن الواجب يفرض على حكومتي البـلدين أن تحاسبا رؤوس الفتنة، فقلب الصفحة ، قبل أن يكون إهانة للشعبين فإنه إهانة لسلطتي البلـدين ، كون الخسائر في كلا الطرفين، أكبر من أن يرممها حضن من زاهر للحاج روراوة، فقد شردت عائلات وضاع مستقبل جامعيين،ودنست رايات وأهين شهـداء، و الدول التي تحترم ذاتها وتمتلك ذرة حياء وبقاء، لا يمكـنها أن تطوي الصفـحات، بمبرر “إحنا أولاد النـهار دا”، فما حدث بين الجزائر ومصر كان “جريمة” وإفلاس وعجز كامـل ، لا يمكن إزالته وشـطبه بحضن من روراوة أو الكابتن زاهر..فقدموا الرجلين إلى المحاكمة، ولا يهم إن كان القاضي، كرة، مادام الشعبين قد تلاعبت بمصيرهما وعراقتهما كـرة قذفها زاهر باتجاه مرمى روراواة فردها له روراواة صاعين وكرتـين، وبعدما علا ضجيج المدرجـات، تصالحا الرجـلان مخلفين وراءهما بأنهما “أكلا بعقلنا حلاوة”..
oussamawahid@yahoo.fr
تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.