زاد دي زاد - الخبر مقدس والتعليق حر

ملاحظة: يمكنك استعمال الماركداون في محتوى مقالك.

شروط إرسال مقال:

– النشر في “زاد دي زاد” مجّاني
– أن يكون المقال مِلكا لصاحبه وليس منقولا.
– أن يكون بعيدا عن الشتم والقذف وتصفية الحسابات والطائفية والتحريض.
– الأولوية في النشر للمقالات غير المنشورة سابقا في مواقع أو منصات أخرى.
– الموقع ليس ملزما بنشر كل المقالات التي تصله وليس ملزما بتقديم تبرير على ذلك.

آشور.. إنا هاهنا قاعدون..!

آشور.. إنا هاهنا قاعدون..! ح.م

عناوين فرعية

  • رؤية في فلسفة الصراع العربي الاسرائيلي

"نَعِسَتْ رُعَاتُكَ يَا مَلِكَ أَشُّورَ. اضْطَجَعَتْ عُظَمَاؤُكَ. تَشَتَّتَ شَعْبُكَ عَلَى الْجِبَالِ وَلاَ مَنْ يَجْمَعُ. لَيْسَ جَبْرٌ لانْكِسَارِكَ. جُرْحُكَ عَدِيمُ الشِّفَاءِ".

هكذا صور الكتاب المقدس انهيار مملكة آشور قبل 2600 سنه، وما أعقبها من ميلاد الشتات اليهودي الذي ظل هائما في دهاليز الزمان.

وإذا كان الحكام الطغاة الذين أزاحهم الربيع العربي قد خدعونا حين عجزوا عن حسم المعركة هنا ولم يخوضوها هناك. فإن حكام ما بعد الربيع العربي لم يظهروا أي نية بعد في خوض المعركة لا هنا ولا هناك.

إذ لم يكتب له الظهور من جديد إلا في تاريخنا الحديث ومن الداخل الأوروبي. حين أصبحت الكثير من الأسماء اليهودية تشكل جزءا كبيرا من تاريخ القارة العجوز بأسماء مثل سبينوزا واضع أسس الفلسفة العقلية، ماركس مؤسس الشيوعية، فرويد مؤسس علم النفس التحليلي، آينشتاين صاحب نظرية النسبية وميلتون فريدمان مؤسس الرأسمالية الحديثة، الذين أبهرت أعمالهم ملايين الأوروبيين وأبقت الشتات اليهودي القادم من أعماق مملكة آشور حيا.

وهؤلاء بفكرهم وتأثيرهم هم من هيأوا لقيام دويلة إسرائيل كفكرة في الذهنية الأوروبية قبل أن تتهيأ عبر الآلة العسكرية.

في الوقت الذي عاد الشتات اليهودي إلى الظهور المؤثر، كان الشرق يبني علاقته مع أوروبا سليلة روما على أساس العداء التاريخي، طالما أن تعارف الطرفين بدأ عن طريق المصافحة بحد السيف، واستمر خلال المرحلة الاستعمارية التي ضيقت أفق احتمال الآخر والتعايش معه.

ولم يبذل أحد جهدا للتقارب فظل الشرق شرقا والغرب غربا. وظل الغرب لا يرى من الشرق إلا غموضه وحكايات ألف ليلة وليلة التي تلفه.

والرابح الأكبر من وراء هذا العداء هو الشتات المتشرد من بقايا مملكة آشور، الذي عرف كيف يقرأ التاريخ ويجعل أوروبا تلد إسرائيل ولادة قيصرية في قلب الكيان العربي.

أردنا إجهاض تلك الولادة، وجربنا أحجية رمي إسرائيل في البحر، لكن زعماؤنا الذين روجوا لها لم يعدوا لها العدة، فكان حديثهم غير متكافئ مع قدراتهم…

جربنا المزايدة على إسرائيل بمنح حلفائها امتيازات علهم يضغطون عليها لترد لنا بعض ما فقدناه فلم نفلح. وذهب جيل الحكام الذين زايدوا على إسرائيل، وخلفهم جيل درس في معاهد الغرب وكلياته سواء المدنية أو الحربية، وأقرب إلى فهم ذهنية الغرب، لكنه لم يفلح إلا في رفع سقف المزايدات على إسرائيل والتنازلات للغرب.

وانتقاما من هؤلاء الحكام دعمنا ربيعا عربيا لم نكن متأكدين بعد من رؤيته لمنطق الصراع هذا؟. وعرب ما بعد الربيع سواء ممن شملتهم الثورات، أو ممن استخلصوا الدرس وفهموا رسائل شعوبهم لم يستوعبوا من التاريخ دروسا.

ما تعيشه الجزائر من حصار بالتطبيع من كل جانب، ومحاولة استدراج تونس لتحقيق ذلك خير دليل على ما نذهب إليه من القول. وهذا أكبر اختراق يقوم به الشتات اليهودي منذ 2600 سنة.

فقد تمكن اليهود اليوم من إعادة إحياء العداء القديم بين كل ما هو عربي وفارسي. وصار من الطبيعي أن تتحالف إسرائيل مع عرب ضد إيران، في حين يستحيل أن يحدث تحالف عربي إيراني ضد إسرائيل.

بل من المستحيل اليوم أن يحدث تحالف عربي عربي ضد إسرائيل. بل صار من الممكن أن يحدث تحالف عربي إسرائيلي ضد عربي.

وما تعيشه الجزائر من حصار بالتطبيع من كل جانب، ومحاولة استدراج تونس لتحقيق ذلك خير دليل على ما نذهب إليه من القول. وهذا أكبر اختراق يقوم به الشتات اليهودي منذ 2600 سنة.

لقد عشت في الغرب لعقد من الزمن لإتمام دراساتي العليا. هنالك أيقنت أن آشور لا زالت قائمة. والشرق الغامض والعدائي لا يزال قائما.

أطفالهم يتعلمون منذ الصغر كيف يجب عليهم أن يحذروا الشرق الغامض. وكيف لهم أن يؤمنوا بأسطورة ذلك الشعب المشتت الذي اختاره الله للمهام العظيمة.

يومها أدركت أن الصهيونية وجدت لنفسها وطنا في عقول هؤلاء، فقلت أن معركتنا يجب أن تبدأ هناك.

وإذا كان الحكام الطغاة الذين أزاحهم الربيع العربي قد خدعونا حين عجزوا عن حسم المعركة هنا ولم يخوضوها هناك. فإن حكام ما بعد الربيع العربي لم يظهروا أي نية بعد في خوض المعركة لا هنا ولا هناك.

بل منهم من استباح بلاده من خلال اتفاقيات أبراهام وما شابهها، ومنهم من استباحها لصواريخ إسرائيل بحجة حماية الأمن القومي العربي. ومنهم من استباح بلاده بالإثنتين معا، بما هيأ موطئ قدم تجعل الشتات اليهودي القادم من مملكة آشور يرفع شعار: إنا ها هنا قاعدون.

ads-300-250

المقالات المنشورة في هذا الركن لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.

كن أوّل من يتفاعل

تعليقات القراء تعبر عن رأيهم فقط، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع أو خطه التحريري.

فضلا.. الرجاء احترام الآداب العامة في الحوار وعدم الخروج عن موضوع النقاش.. شكرا.